قال تعلى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...}(١) فنحن بغنى عن هذا الحديث الضعيف أما ما لم يكن حديثاً كأن يكون من الإسرائيليات أو من المنامات أو أقوال السلف أو وقائع حصلت جاز ذكره في الترغيب والترهيب والترجيه والتخويف إذا علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع لانتفاء الخطر المذكور آنفاً عنه ولقوله صلى الله عليه وسلم: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أخرجه البخاري فلو لم يكن في التحديث عنهم فائدة لما رخص في ذلك.
وللإِمام الشاطبي كلام فيه حسم لهذا الموضوع قال:"أن العمل المتكلم فيه إما أن يكون منصوصاً على أصله جملة وتفصيلاً أو لا يكون منصوباً عليه لا جملة ولا تفصيلاً أو يكون منصوصاً عليه جملة لا تفصيلاً".
فالأول: لا إشكال في صحته، كالصلوات المفروضات والنوافل المرتبة لأسباب وغيرها، وكالصيام المفروض، أو المندوب على الوجه المعروف، إذا فعلت على الوجه الذي نص عليه من غير زيادة ولا نقصان، كصيام عاشوراء أو يوم عرفة والوتر بعد نوافل الليل، وصلاة الكسوف. فالنص جاء في هذه الأشياء صحيحاً على ما شرطوا، فثبتت أحكامها من الفرض والسنة والاستحباب، فإذا ورد في مثلها أحاديث ترغيب فيها، أو تحذير من ترك الفرض منها، وليست بالغة مبلغ الصحة، ولا هي أيضاً من الضعف بحيث لا يقبلها أحد، أو كانت موضوعة لا يصح الاستشهاد بها، فلا بأس بذكرها والتحذير بها والترغيب، بعد ثبوت أصلها من طريق صحيح.
والثاني: ظاهر أنه غير صحيح، وهو عين البدعة. لأنه لا يرجع إلاّ لمجرد الرأي المبني على الهوى، وهو أبدع البدع وأفحشها، كالرهبانية المنفية عن الإسلام، والخصاء لمن خشي العنت، والتعبد بالقيام في الشمس، أو بالصمت من غير كلام أحد. فالترغيب في مثل هذا لا يصح، إذ لا يوجد في الشرع، ولا أصل له يرغب في مثله، أو يحذر من مخالفته.