للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علينا فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله؛ كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال:

"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً [١٣٨] ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء [١٣٩] المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ [١٤٠] ، وإياكم ومحدثات [١٤١] الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" [١٤٢] . فكما أرشدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى التمسك بسنته أمرنا الله عز وجل بأخذ كل ما أمر به صلى الله عليه وسلم، وترك كل ما نهى عنه قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [١٤٣] وحذر جل شأنه من مخالفة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [١٤٤] فالهرب الهرب من مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنجاة النجاة، بالتمسك بهدية والسير على طريقه وصحابته ففي ذلك التجارة الرابحة، ويلحظ النابه أن محور دعوته صلى الله عليه وسلم بعد توحيد الله تحذير الأمة من الأهواء والبدع وإرشادهم إلى الأخذ بالأمر المستقيم فكان يوصي بلزوم السنة إلى أن فارق الدنيا ففي رواية ابن ماجه لحديث العرباض أنه صلى الله عليه وسلم قال: "تركتكم على البيضاء [١٤٥] ، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... " -وقال في آخره: "فإنما المؤمن كالجمل الأنف [١٤٦] ، حيثما قيد انقاد" [١٤٧] ، هذا ما أوصى به نبي الهدى أمته وتواصى بالتمسك به أصحابه من بعده، قال الدارمي رحمه الله: أخبرنا الحكم بن المبارك [١٤٨] ، أنا عمر بن يحيى [١٤٩] قال سمعت أبي [١٥٠] ، يحدث عن أبيه [١٥١] قال: "كنا نجلس على باب عبد