للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: لا. فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه [١٥٢] جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفاً أمرا أنكرته [١٥٣] ، ولم أر والحمد لله إلا خيرا، قال: فما هو؟ قال: إن عشت فستراه، قال: "رأيت في المسجد قوماً حلقا [١٥٤] جلوساً ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة، فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة". قال: "فماذا قلت لهم؟ "قال: "ما قات لهم شيئا انتظار رأيك وانتظار أمرك" [١٥٥] ، قال: "أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم"، ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم فقال: "ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ "قالوا: "يا أبا عبد الرحمن حصى [١٥٦] نعد به التكبير والتهليل والتسبيح". قال: "فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن لكم أن لا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم [١٥٧] ؛ هؤلاء صحابة نبيكم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل [١٥٨] ، وأوانيه لم تكسر [١٥٩] ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة [١٦٠] محمد؟! أو مفتتحو باب ضلالة؟ ". قالوا: "والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير". قال: "وكم من مريد للخير لن يصيبه [١٦١] ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم [١٦٢] ، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم"، ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: "رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج" [١٦٣] . فهذه المقولة عن ابن مسعود إن لم يصح سندها فمعناها صحيح ولها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة، وكلام التابعين الشواهد التي لا تحصر، وما رفعه ابن مسعود رضي الله عنه إلى رسول الله