للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أمثلته أيضاً المعاريض التي يقصد بها جلب مصلحة أو دفع مفسدة فإن فيها مندوحة عن الكذب وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم طائفة من المشركين وهو في نفر من أصحابه، فقال المشركون: ممن أنتم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نحن من ماء فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: أحياء اليمن كثير فلعلهم منهم وانصرفوا [٥٠] ، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: احملني فقال: ما عندي إلا ولد الناقة فقال: ما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وهل يلد الإبلَ إلا النوقُ [٥١] ؟ وكقول الخليل: "هذه أختي " [٥٢] ، وقول الصديق: "هادٍ يهديني السبيل " [٥٣] ، وقد رأت امرأة عبد الله بن رواحة عبد الله على جارية له، فذهبت وجاءت بسكين فصادفته وقد قضى حاجته، فقالت: لو وجدتك على الحال التي كنت عليها لوجأتك فأنكر، فقالت: فاقرأ إن كنت صادقاً فقال:

شهدت بأن وعد الله حق

وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء طاف

وفوق العرش رب العالمينا

وتحمله ملائكة كرام

ملائكة الإله مسومينا

فقالت: آمنت بالله وكذبت بصري فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم ينكر عليه [٥٤] .

وهذا تحيل من عبد الله بن رواحة بإظهار القراءة لما أوهم أنه قرآن ليتخلص من مكروه الغيرة.

وهذا النوع من الحيل لا ارتياب في حله.

النوع الثاني: أن تكون الحيلة جائزة ولكنها لم توضع بالقصد الأول لذلك المقصود شرعاً.