للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه الدلالة من الآية على تحريم الحيل أن الله تعالى حرم على المرأة إن كانت حاملا أن تكتم حملها، وإن كانت حائضاً أن تكتم حيضها، كذا فسر ابن عمر والحسن ومجاهد قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أَرْحَامِهِنّ} (البقرة: من الآية٢٢٨) وكن يكتمن الحمل لئلا يشفق الرجل على الولد فيراجعها، ويكتمن الحيض لإطالة أمد العدة فيُلْزمن الرجل من الإنفاق عليهن ما لا يلزمه شرعاً، وقد اعتبر الشارع قول المرأة في الحيض والحمل، لأن هذا أمر لا يعلم إلا من طريقها، ويتعذر إقامة البينة عليه غالباً، فالآية دلت على تحريم الحيل الآتية:

١- أن تقول المطلقة حضت وهي لم تحض، لتذهب بحق الزوج في الرجعة.

٢- أن تقول المطلقة لم أحض وهي قد حاضت، لِتُلْزمه من النفقة ما لا يلزمه كما هو شائع في عصرنا، أو لتُغْر الزوج بالمهلة، في الرجعة حتى تنقضي العدة فينقطع حقه فيها.

٣- وكذلك يحرم عَلى الحامل أن تكتم الحمل لتُغْر الزوج بانفساح أمد المراجعة حتى تلد فيتعذر عليه مراجعتها.

٤- كما يحرم عليها أيضاً أن تكتم الحمل لتلحق الولد بغيره، كما كان الأمر قبل الإسلام، قال قتادة: كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحق الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية.

فهذه كلها طرق خفية من قبل الذهن لا يلتفت إليها عادة، ويتوصل بها إلى مضارة الزوج.

كما دل قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً} (البقرة: من الآية٢٢٨) أن الرجل إنما يباح له المراجعة ما دامت المرأة في العدة إن أراد معاشرة المرأة بالمعروف، فإن أراد بالمراجعة مضارة الزوجة فلا يباح له ذلك بل يحرم عليه ذلك كما يدل عليه مفهوم الشرط في الآية.