للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقرير كون المراجعة للمضارة حيلة أنها تصرف شرعي جعله الله من حق الزوج ما دامت العدة باقية، فظاهر المراجع المتحيل إرادة العشرة بالمعروف، وباطنه المضارة للزوجة، وهو أن يترك المرأة لا يؤويها إليه، ولا يدعها تبين بانقضاء العدة فتتزوج غيره، وقد يقصد من ذلك أيضاً تطويل العدة عليها، فظاهرها مشروع، وباطنها محظور، فرتب الله الحكم وهو التحريم رتبه على الباطن دون الظاهر، فدل ذلك على أن العقود المشروعة إذا اتخذت وسيلة إلى غير ما شرعت له مما حرم الله كان ذلك حراما، وكذلك إذا اتخذت ذريعة لإسقاط ما أوجبه الله تعالى حقاً له أو لعباده.

رابعاً: وقال الله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (البقرة:٢٢٩) {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ الله وَتِلْكَ حُدُودُ الله يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [٦٥] .

دل قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان} (البقرة: من الآية٢٢٩) الآية أنه يحرم الطلاق والرجعة للمضارة كأن يريد بذلك عضلها عن الزواج، أو تطويل العدة عليها، أو إلجائها إلى أن تفتدي نفسها منه بشيء من المال من غير أن يكون هناك نشوز منها أو فاحشة أو ما شابه ذلك فيفعل ذلك حيلة منه إلى ارتكاب المحظور بسبب مشروع في الظاهر فيحرم السبب تحريماً للوسائل.