للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " رواه أحمد والبخاري ضمن حديث طويل كتبه أبو بكر رضي الله عنه إلى أنس حين وجهه إلى البحرين [٩٢] .

قلت: هذا الحديث اختلف العلماء في تفسيره على ثلاثة أقوال:

القول الأول: ذهب مالك إلى أن معناه أن يكون للنفر الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها الزكاة ثلاث شياة على كل واحد منهم شاة فيجمعونها حتى لا يجب عليهم كلهم فيها إلا شاة واحدة، أو يكون للخلطين مائتا شاة وشاتان فيكون عليها ثلاث شياة فيفرقونها حتى لا يكون على كل واحد منهما إلا شاة واحدة، فنهى عن ذلك، وعليه فهو خطاب للمالك [٩٣] .

القول الثاني: وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن معنى قوله: "لا يجمع بين متفرق " أن يكون لرجل عشرون شاة وللآخر مثلها فيجمع الساعي بينها ويقول هي لواحد ويأخذ عليه شاة فنهى عن ذلك، وعلى ذلك فيكون الخطاب للساعي.

ومعنى قوله: "ولا يفرق بين مجتمع "أن يكون لرجل مائة وعشرون شاة فالواجب منها شاة واحدة فلا يجوز للساعي أن يفرقها أربعين أربعين ويقول هي لثلاثة نفر فيأخذ عليها ثلاث شياة، ويحتمل عندهم أن يكون الخطاب للمالك نص على ذلك صاحب المحيط من الحنفية وعزاه لأبى يوسف كما نبه عليه العيني في شرحه للبخاري [٩٤] .

وعليه فتفسر الجملة الأولى من الحديث: أن يكون لرجل أربعون شاة ولأخويه لكل واحد منهما أربعون فيقول أحدهم للساعي: كلها لي حتى لا يأخذ منها كلها إلا شاة واحدة فنهوا عن ذلك.

وتفسير الجملة الثانية: أن يكون لرجل ثمانون شاة فإذا جاء الساعي قال هي بيني وبين إخوتي لكل واحد عشرون فلا يأخذ من واحد منهم زكاة، فنهوا عن ذلك لما فيه من الإضرار بالفقراء بالتنقيص من الأول وبالحرمان في الثاني.