للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الثالث: وذهب الشافعي وأحمد إلى أن الخطاب في الحديث لرب المال من جهة وللساعي من جهة، فأمر كل واحد منهما ألا يحدث شيئا من الجمع والتفرق خشية الصدقة، ومعنى قوله "خشية الصدقة " أي خشية أن تكثر الصدقة أو خشية أن تقل الصدقة، فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل، والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر، ولما كان الخطاب محتملا للأمرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من الحمل على الآخر فحمل عليهما [٩٥] .

قلت: وهذا الحديث صريح في تحريم الحيلة لإسقاط الزكاة أو تخفيفها بالجمع أو التفريق وذلك بإجماع الأئمة على اختلاف تفسيراتهم للحديث.

٦- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "البيع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله " رواه أحمد وأصحاب السنن إلا ابن ماجة وحسنه الترمذي [٩٦] .

قلت: هذا الحديث يدل على أن البائع والمشتري إذا انعقد بينهما البيع بالإيجاب والقبول ثم بدا لأحدهما أن يفسخ البيع فله ذلك ما داما في مجلس العقد مجتمعين لم يتفرقا عنه، فإن تفرقا أو أحدهما نفذ البيع ولزم.

هذا الذي ذكرناه هو مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال المالكية والحنفية: يلزم العقد بالإيجاب والقبول ولا خيار للمتبايعين [٩٧] .