للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورد ذلك كله بأن الحديث موافق لأصل الشريعة وقواعدها، ولو خالفها لكان أصلا بنفسه، وكما أن غيره أصل بنفسه، وأصول الشرع لا يضرب بعضها ببعض كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يضرب كتاب الله بعضه ببعض، بل يجب اتباعها كلها، ويقر كل أصل منها على مكانه وموضعه، فإنها كلها من عند الله الذي أتقن شرعه وخلقه، وما عدا هذا فهو الخطأ الصريح هذا جواب إجمالي عن اعتراضاتهم.

وأما الجواب عن تفاصيلها فقولهم (أولا) أنه تضمن الرد من غير عيب ولا فوات صفة مردود بأنه ليس في أصول الشريعة المتلقاة عن صاحب الشرع ما يدل على انحصار الرد في هذين الأمرين بل أصول الشريعة توجب الرد بغير هذين وهو الرد بالتدليس والغش فإنه هو، ولا الخلف في الصفة من باب واحد فإن البائع يظهر صفة المبيع تارة بقوله وتارة بفعله فإذا ظهر للمشتري أنه على صفة ثم بان بخلافها كان قد غشه ودلس عليه فكان له الخيار بين الإمساك والفسخ، ولو لم تأت الشريعة بذلك لكان هو محض القياس ومقتضى العدل، فإن المشتري إنما يبذل له فيها ما بذل، فإلزامه المبيع مع التدليس والغش من أعظم الظلم الذي تتنزه عنه الشريعة، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم الخيار للركبان إذا تلقوا واشترى منهم قبل أن يهبطوا السوق ويعلموا السعر، وليس ههنا عيب ولا خلف في صفة ولكن فيه نوع تدليس وغش.