للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولهم (ثانيا) إنه معارض بحديث "الخراج بالضمان " فهذا الحديث وإن أخرجه أصحاب السنن عن عائشة مرفوعا فحديث المصراة أصح منه باتفاق أئمة الحديث قاطبة، فكيف يعارض به، مع أنه لا تعارض بينهما بحمد الله، فإن الخراج اسم للغلة مثل كسب العبد وأجرة الدابة ونحو ذلك، وأما الولد واللبن فلا يسمى خراجا، وغاية ما في الباب قياسه عليه بجامع كونهما من الفوائد، وهو من أفسد القياس فإن الكسب الحادث وهو الغلة لم يكن موجودا حال البيع، وإنما حدث بعد القبض، وأما اللبن ههنا فإنه كان موجودا حال العقد فهو جزء من المعقود عليه، والشارع لم يجعل الصاع عوضا عن اللبن الحادث بعد البيع وإنما هو عوض عن اللبن الموجود وقت العقد في الضرع، فضمانه هو محض العدل والقياس.

وقولهم (ثالثا) أنه مضمون بغير جنسه وبمقدار واحد في القليل والكثير جوابه أن تضمينه بغير جنسه في غاية العدل لأنه لا يمكن تضمينه بمثله البتة فإن اللبن في الضرع محفوظ غير معرض للفساد، فإذا حلب صار عرضة لحمضه وفساده، فلو ضمن اللبن الذي كان في الضرع بلبن محلوب في الإناء كان ظلما تتنزه الشريعة عنه، وأيضا فإن اللبن الحادث بعد العقد اختلط باللبن الموجود وقت العقد فلم يعرف مقداره حتى يوجب نظيره على المشتري، فقد يكون أقل منه أو أكثر فيفضي إلى الربا وأقل الأقسام أن نجهل المساواة.