للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشوكاني في نيل الأوطار: "فيه دليل على أنه لا يجوز لمن باع شيئا بثمنه نسيئة أن يشتريه من المشتري بدون ذلك الثمن نقدا قبل قبض الثمن الأول، أما إذا كان المقصود التحيل لأخذ النقد في الحال ورد أكثر منه بعد أمد فلا شك أن ذلك من الربا المحرم الذي لا ينفع في تحليله الحيل الباطلة قال: والصورة المذكورة هي صورة ببع العينة قال: وليس في حديث الباب - يريد به حديث عائشة رضى الله عنها - ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا البيع، ولكن تصريح عائشة بأن هذا الفعل موجب لبطلان الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على أنها قد علمت تحريم ذلك بنص عن الشارع، إما على جهة العموم كالأحاديث القاضية بتحريم الربا الشامل لمثل هذه الصورة، أو على جهة الخصوص كحديث العينة، ولا ينبغي أن يظن بها أنها قالت المقالة من دون أن تعلم بدليل يدل على التحريم، لأن مخالفة الصحابي لصحابي آخر لا يكون من الموجبات للإحباط، اه " [١٠٦] .

وقال الإمام القرافي رحمه الله في الفرق الرابع والتسعين بعد المائة من كتابه (الفروق) : "وهذا التغليظ العظيم لا تقوله رضى الله عنها إلا عن توقيف، فتكون هذه الذرائع واجبة المنع وهو المطلوب.

فإن قيل زيد بن أرقم من خيار الصحابة والصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول وسادة أتقياء.

فكيف يليق به فعل ما يقال فيه ذلك؟ الجواب: قال صاحب المقدمات أبو الوليد بن رشد: هذه المبايعة كانت بين أم ولد زيد بن أرقم ومولاته قبل العتق، فيتخرج قول عائشة رضي الله عنها على تحريم الربا بين السيد وعبده مع القول بتحريم هذه الذرائع، ولعل زيد بن أرقم لا يعتقد تحريم الربا بين السيد وعبده، قال: ولا يحل لمسلم أن يعتقد في زيد أنه واطأ أم ولده على شراء الذهب بالذهب متفاضلا إلى أجل.