للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: إذا قلنا بالتحريم على رأى عائشة رضي الله عنها فما معنى إحباط الجهاد، وإحباط الأعمال لا يكون إلا بالشرك.

الجواب: أن الإحباط إحباطان: إحباط إسقاط، وهو إحباط الكفر للأعمال الصالحة، فلا يفيد شيء منها معه.

وإحباط موازنة، وهو وزن العمل الصالح بالسيء، فإن رجح الشيء فأمه هاويه أو الصالح فهو في عيشة راضية، كلاهما معتبر غير أنه يعتبر أحدهما بالآخر، ومع الكفر لا عبرة البتة بالأعمال الصالحة فالإحباط في الأثر إحباط موازنة.

بقي سؤال وهو: كيف يحيط هذا الفعل جملة ثواب الجهاد؟ قلت: له معنيان:

أحدهما: أن المراد المبالغة في الانكار لا الحقيقة.

ثانيهما: أن مجموع الثواب المتحصل من الجهاد ليس باقيا بعد هذه السيئة، بل بعضه فيكون الإحباط في المجموع من حيث هو مجموع. وظاهر الإحباط والتوبة أنه معصية إما بترك التعلم لحال هذا العقد قبل القدوم عليه لأنه اجتهد فيه ورأت أن اجتهاده مما يجب نقضه وعدم إقراره فلا يكون حجة له، أو هو ممن يقتدى به فخشيت أن يقتدي به الناس فينفتح باب الربا بسببه، فيكون ذلك في صحيفته فيعظم الإحباط في حقه.

ومن هذا الباب في الإحباط قوله عليه الصلاة والسلام: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " أي بالموازنة، اهـ[١٠٧] .

نقض مطاعن ابن حزم في حديث عائشة:

وقد طعن ابن حزم في حديث عائشة هذا حيث قال في المحلى [١٠٨] : "فأما خبر امرأة أبي سفيان ففاسد جدا لوجوه:

أولها: أن امرأة أبي سفيان مجهولة الحال.

الثاني: أن امرأة أبي سفيان لم تسمعه من أم المؤمنين عائشة، وإنما روته عن امرأة أبي السفر، وهي التي باعت من زيد وهي أم ولد زيد، وهي في الجهالة أشد وأقوى من امرأة أبي إسحاق، ويدل لذلك ما رواه عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته قالت: سمعت امرأة أبي السفر تقول: سألت عائشة أم المؤمنين وذكرت القصة.