للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرد الملائكة هذا العذر عليهم و {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} (النساء: من الآية٩٧) أي كان لكم مندوحة عما فعلتموه مكرهين، بمفارقة أرضهم إلى أرض أخرى، تستطيعون فيها إقامة دينكم، ونصرة إخوانكم، كما فعل غيركم، ولكنكم اثاقلتم إلى الأرض، ورضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (النساء: من الآية٩٧"ثم استثنى الله سبحانه من هذا الوعيد أصحاب الأعذار الحقيقية فقال: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} (النساء: من الآية٩٨) المراهقين أو الصغار وتكليفهم عبارة عن تكليف أوليائهم بإخراجهم من أرض الكفر إلى أرض الإسلام {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} (النساء: من الآية٩٨) ضاقت بهم الحيل كلها، فلم يستطيعوا سلوك واحدة منها، وعميت عليهم الطرق جميعها، فلم يهتدوا إلى طريق منها، والجملة حال من المستضعفين، والاستثناء منقطع {فَأُولَئِكَ عَسَى الله أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} (النساء: من الآية٩٩) في تركهم الهجرة، إذ لم يتركوها اختيارا ولا إيثاراً منهم لدار الكفر على دار الإسلام، ولكن للعجز الذي هم فيه، ومع ذلك كله فقد نزلهم منزلة المذنبين حيث عبر بكلمة (عسى) التي لا تفيد الجزم بمدخولها وضعا، وبالعفو المشعر بوجود الذنب، حتى لكأنه لا يجوز لأحد من الناس على أي حال، وفي أي عذر، أن يتخلف عن الهجرة، ولا أن يقعد عنها، ولا يخفى ما في هذا التعبير من قطع طماعية الذين يقعدون عنها، ويعتذرون بغير العذر عن تركها {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} أي شأنه ذلك لأصحاب الأعذار الصحيحة ولمن تاب بعد ظلمه.

الشاهد من الآيات: