للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذا فإنّ العلماء والمصلحين ومجتمع الجزيرة العربية كان في تطلع وترقب ولهف وشوف لقيام دولة قوية تصحح العقيدة، وتنشر الدين الصحيح، وتقضي على البدع والمنكرات، وتطبق الشريعة السمحة، وتقيم الأمن والعدل في ربوع البلاد [٤٥] . وتجمع الشمل، وتوحد الصفوف، وتؤلف بين القلوب، وتعيد المهابة والعزة للأمة الإسلامية.

وقد هيأ الله سبحانه وتعالى للملك عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ الأسباب لإيقاظ هذه البلاد من غفوتها، ولتقوم نهضة إسلامية جديدة قوية، فقام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ رحمهم الله ـ متّبعاً سنة آبائه في نصرة عقيدة السلف الصالح، وإعزاز أهل الدين والحق، واستعادة مكاسب آبائه من ذلك، وتجديد مجدهم، وإحياء سنتهم الراشدة.

وقد تميز طموح الملك عبد العزيز الشخصي في دفع القوة الوطنية إلى شدة الإصرار على إعادة بناء الدولة السعودية في حدود الأُطُر الدينية والسياسية والاجتماعية التي سارت عليها الدولة السعودية في دورها الأول.

فكان هذا الإصرار ـ مضافاً إليه مجموعة مقومات بناء الدولة ـ بمثابة قوة الدفع اللازمة لتكوين البناء السياسي الجديد [٤٦] .

ومما يؤيد هذا شهادة الشيخ محمد مغيربي ـ وهو أحد المعاصرين للمجتمع في تلك الفترة ـ فقد صوَّر ذلك بقوله:

"أما العامل الأقوى في نجاح هذه الدعوة بتلك المدة القصيرة، فسببه يرجع على الأكثر، إلى ما كانت عليه القبائل من الفوضى بتفشي الجهل، وتأثير المطامع، فأدى ذلك إلى تجاوز كل منهم على حقوق الآخرين، وانعدام الأمن على الأرواح، والأموال، وبما أن حالة كهذه غير طبيعية في الأقوام والشعوب، أصبح كل فرد فيهم يتطلب الطمأنينة، ويلتمس سبيل السلام، فجاءت هذه الدعوة مطابقة لعقليتهم واستعدادهم الفكري، ورغبتهم المفقودة" [٤٧] .

الفصل الثالث

شخصية الملك عبد العزيز وتوحيد المملكة