للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الحالة الاجتماعية والاقتصادية: فإن الحياة القبلية ونظامها كانت هي الأساس في ذلك الوقت، وكان منطق القوة والعنف والإغارة، وقطع الطريق يمثل السبيل الوحيد ـ في الغالب ـ للحصول على المال والثراء.

وبوجهٍ عام كانت المعيشة في تلك الفترة قاسية جداً، وكان القوت الرئيس هو التمر والبُرّ، وأحياناً اللبن.

وأحياناً تحلُّ بالناس مجاعات تبلغ من القوة درجة أن بعضهم يأكل العشب وأوراق الشجر، وجلود الحيوانات، الأمر الذي حمل البعض إلى الهجرة خارج البلاد من أجل الحصول على القوت.

وأما الحالة الصحية: فقد انتشرت الأمراض والأوبئة التي كانت تفتك بالأسر والجماعات، ولا علاج في تلك الفترة سوى النار وبعض الأخلاص من الأعشاب على أيدي بعض الأشخاص المتطببين.

وكانت بعض الأمراض المعدية ـ كالكوليرا ـ تدخل البيت فلا تبقي فيه شخصاً واحداً على قيد الحياة إلى حد أنهم قد لا يجدون لبعضهم نعشاً يُحمل عليه [٤٤] .

وإنه نتيجة إلى هذه الإشارة عن الظروف التي كانت تعيشها الجزيرة العربية قبل الملك عبد العزيز من انتشار الجهل، ووهن في العقيدة، وتفشي البدع والمنكرات.

وما كانت فيه من فوضى سياسية يعمها الانقسام والتناحر والحروب، وما كانت فيه من فرقة مستحكمة بين الأفراد والجماعات.

وما كان يعانيه الناس من فقدان للأمن في طول البلاد وعرضها، وما كانوا فيه من خوف وذعر، وسلب ونهب، وقطع للطريق، وسفك للدماء، وأخذ بالثأر، دون وجود الوالي القادر العادل الذي يردع الظالم وينصر المظلوم. بالإضافة إلى ما يعانيه الناس من قلة التعليم، ومن قسوة المعيشة، وانتشار الأمراض والأوبئة التي كانت تفتك بالناس وليس لها من العلاج سوى الكي بالنار وبعض الأعشاب.