للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذا فإن على الداعية إلى الله تعالى على بصيرة أن يهتم بالإخلاص، ويحذر على نفسه من الرياء والسمعة، فإن الشيطان حريص على أن يفسد عليه عمله، وقد تدعوه النفس الأمارة بالسوء إلى حب الظهور أو الشهرة أو ماشابههما من أغراض الدنيا الفانية، ومن ثم يقع في المحذور والعياذ بالله.

... نسأل الله تعالى لنا ولجميع الدعاة إلى الله تعالى الإخلاص في القول والعمل.

ثالثاً: المتابعة:

لما كانت الدعوة إلى الله تعالى من أجل العبادات فإنه لا بد فيها من توفر الشرطين الأساسيين لصحتها وهما: الإخلاص، والمتابعة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديثه عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: "وإذا كانت جميع الحسنات لا بد فيها من شيئين: أن يُراد بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة، فهذا في الأقوال والأفعال، في الكلم الطيب والعمل الصالح، في الأمور العلمية، والأمور العملية العبادية" (١) .

فالمتابعة شرط في قبول الأعمال، ومنها الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} (٢) .

والعمل الصالح هو العمل الموافق لهديه صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان أئمة السلف رحمهم الله يجمعون هذين الأصلين - أي الإخلاص والمتابعة - كقول الفضيل بن عياض في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (٣) ، قال: أخلصه وأصوبه، فقيل له: يا أبا عليّ ما أخلَصُه وأصوبه؟ فقال: إنَّ العمل إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل، وإذا كان خالصاًولم يكن صواباً لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص: أن يكون لله والصواب: أن يكون على السُّنة (٤) .


(١) انظر الاستقامة، ١/٢٩٧، ٢/٢٩٧.
(٢) سورة الكهف، الآية (١١٠) .
(٣) سورة الملك، الآية (٢) .
(٤) الاستقامة، لابن تيمية، ٢/٣٠٨-٣٠٩.