للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمخالفات، وعلى تفريطه في الأخذ بالأسباب وعدم إعداده لعدوه ما يستطيع من القوة، وقد جرت سنة الله في عباده أنهم إذا استقاموا على دينه وتباعدوا عن أسباب غضبه، وجاهدوا في سبيله، أنه ينصرهم على عدوهم، ويجمع كلمتهم ويجعل لهم العاقبة الحميدة، كما قال، سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} ، وقال سبحانه: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ، وقال عز وجل: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} ، وقال سبحانه: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} أما إذا ضيعوا أمره وتابعوا الأهواء واختلفوا بينهم، فإن الله سبحانه، يغير ما بهم، من عز واجتماع كلمة، ويسلط عليهم الأعداء، ويصيبهم بأنواع العقوبات من القتل والخوف ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وغير ذلك جزاءاً وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد، وهذا هو معنى قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} والمعنى: أنه سبحانه، لا يغير ما بالعباد، من عز ورغد عيش واتحاد كلمة وغير ذلك من صنوف النعم، إلا إذا غيروا ما بأنفسهم، من طاعة الله والاستقامة على دينه والأخذ بالأسباب النافعة وإعداد المستطاع من القوة، والقيام بالجهاد، فإذا فعلوا ذلك غير الله ما بهم، فصاروا بعد العزة أذلة، وبعد الاجتماع والاتحاد متفرقين ومختلفين، وبعد رغد العيش وأمن السبل إلى فقر وحاجة واختلال أمن، إلى غير ذلك من أنواع العقوبات، وهذا هو معنى قوله عز وجل في الآية الأخرى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ