وقالت طائفة أخرى إنه لا يقام عليه الحد إن أقرَّ بموجبه في الشعر. قالوا لأن كذب الشاعر في شعره أمر معروف معتاد واقع لا نزاع فيه.
قال شيخنا محمد الأمين الشنقيطي:[١٦]"أظهر القولين عندي أن الشاعر إذا أقرَّ في شعره بما يستوجب الحد لا يقام عليه الحد لأن الله جل وعلا صرح هنا بكذبهم في شعرهم في قوله: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} فهذه الآية الكريمة تدرأ عنهم الحد ولكن الأظهر أنه إن أقرَّ بذلك استوجب بإقراره به الملام والتأديب وإن كان لا يحد به".
واستأنس شيخنا لما ذهب إليه بما روى ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة حيث قال: "وذكر محمد بن إسحاق ومحمد بن سعد في الطبقات والزبير بن بكار في كتاب الفكاهة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل النعمان بن عدي بن نضلة على ميسان من أرض البصرة وكان يقول الشعر فقال:
ألا هل أتي الحسناء أن حليلها
بميسان يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية
ورقاصة تحذو على كل منسم
فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني
ولا تسقني بالأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوؤه
تنادمنا بالجوسق المتهدم
قال: فلما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إي والله إنه ليسوءني ذلك ومن لقيه فليخبره أني قد عزلته. وكتب إليه عمر: بسم الله الرحمن الرحيم {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} . أما بعد فلقد بلغني قولك: