وبعد هذا نرجع إلى مذاهب العلماء في الموضوع فنقول: في الموضوع عدة أقوال جعلها الشوكاني تسعة. ولكن يمكن حصرها في أربعة.
الأول: عدم جواز الدخول في النوافل لمن سمع الإقامة سواء كان في خارج المسجد أو داخله، وسواء في ركعتي الفجر أو غيرهما فإن من فعل فقد عصى الله ورسوله.
قال ابن حزم في المحلى [١٨]"فمن سمع إقامة صلاة الصبح، وعلم أنه إن اشتغل بركعتي الفجر فاته من صلاة الصبح ولو التكبير، فلا يحل له أن يشتغل بهما، فإن فعل فقد عصى الله تعالى. وإن دخل في ركعتي الفجر فأقيمت صلاة الصبح فقد بطلت الركعتان، ولا فائدة له في أن يسلم منهما ولو لم يبق عليه منهما إلا السلام، لكن يدخل بابتداء التكبير في صلاة الصبح كما هو ثم قال: وقال الشافعي وأبو سليمان كما قلنا". انتهى.
قال الخطابي في معالم السنن: روي عن عمر بن الخطاب أنه كان يضرب الرجل إذا رآه يصلي الركعتين والإمام في الصلاة.
أقول رواه البيهقي [١٩] بدون إسناد، وأخرجه ابن أبي شيبة [٢٠] مسنداً إلا أنه فيه ابن أبي فروة وهو: إسحاق بن عبد الله الأسود أبو سليمان متروك قاله أبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، وا لدارقطني، وغيرهم.
ورواه عبد الرزاق في المصنف [٢١] بإسناد آخر وفيه جابر بن يزيد الجعفي الكذاب.
ويبدو أن القول بالتحريم قاله أيضاًَ بعض السلف كما جزم ابن حزم. وابن عبد البر في التمهيد.
الثاني: الكراهية. وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم: ابن عمر، وأبو هريرة، وسعيد بن حبير، وابن سيرين، وعروة بن الزبير، وإبراهيم النخعي وعطاء.
وإليه ذهب الشافعي وأحمد وابن مبارك وإسحاق وغيرهم.
ففي شرح المهذب [٢٢] مذهبنا أنه إذا أقيمت الصلاة كره أن يشتغل بنافلة سواء تحية المسجد، وسنة الصبح وغيرها.