للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " عقود المكره وأقواله مثل بيعه وقرضه ورهنه ونكاحه وطلاقه ورجعته ويمينه ونذره وشهادته وحكمه وإقراره وردته وغير ذلك من أقواله كلها منه ملغاة مهدرة، وأكثر ذلك مجمع عليه، وقد دل على بعضه القرآن في مثل قوله تعالى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ} ، وقوله سبحانه {إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} (آل عمران: من الآية٢٨) والحديث المأثور: "عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " أي إكراه إلى ما في ذلك من آثار الصحابة " [١٢٣] .

ثانياً: السنة:

١- عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود عليه الصلاة والسلام، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا - يرحمك الله - هو ابنها، فقضى به للصغرى، قال: أبو هريرة: "والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، ما كنا نقول إلا المدية " [١٢٤] .

قلت: أصح الأقوال عندي ما قاله القرطبي رحمه الله قال: "والذي ينبغي أن يقال أن داود عليه السلام إنما قضى للكبرى لسبب اقتضى عنده ترجيح قولها، ولم يذكر في الحديث تعيينه، إذ لم تدع حاجة إليه، فيمكن أن يقال إن الولد الباقي كان في يد الكبرى، وعجزت الصغرى عن إقامة البينة فقضى به للكبرى إبقاء لما كان على ما كان " [١٢٥] .