للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يجب على المجتهد والمفتي حين يجتهد ويفتي أن يقدّر مآلات الأفعال وعواقب الأمور وما يؤول إليه الأمر في النهاية، وأن لا يعتبر مهمته تنحصر في إعطاء الحكم الشرعي، بل مهمته أن يحكم في الفعل وهو ناظر إلى آثاره ومآلاته ويقول الشاطبي في هذا: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، [فقد يكون] مشروعاً لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية، وهو مجال للمجتهد صعب المورد إلا أنه عذب المذاق ... ".