للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أخذ يستدل على صحة ذلك بأمور، منها: أن التكاليف مشروعة لمصالح العباد، ومنها أن الاستقراء للشريعة وأدلتها يدل على اعتبار المآلات، وذكر أمثلة تفصيلية كامتناعه صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين مع قدرته على ذلك خشية أن يظن الناس أنه يقتل أصحابه فينفروا من الدخول في الإسلام، وكامتناعه عن إعادة بناء البيت الحرام على قواعد إبراهيم عليه السلام حتى لا يثير بلبلة بين العرب ويقولوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم يهدم المقدسات ويغير معالمها، وكنهيه - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عن زجر الإعرابي حال تبوله في المسجد خشية أن يؤدي هذا إلى نجس مواضع أخرى في المسجد وربما كان فيه ضرر صحي عليه ... إلى أن قال: قال ابن العربي:"النظر في مآلات الأفعال في الأحكام، اختلف الناس بزعمهم فيها - وهي متفق عليها بين العلماء فافهموها وادخروها".

ورد - رحمه الله - على من يهمل هذه القاعدة بحجة أن عليه العمل وليس عليه النتيجة فقال: (لا يقال إنه قد مرّ في كتاب الأحكام أن المسببات لا يلزم الالتفات إليها عند الدخول في الأسباب، لأنا نقول - وقد تقدم أيضاً - أنه لا بد من اعتبار المسببات في الأسباب ... وقد تقدم أن الشارع قاصد للمسببات في الأسباب، وإذا ثبت ذلك لم يكن للمجتهد بد من اعتبار المسبب وهو مآل السبب".