للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن هذه الشروط التي يجب توافرها لتحقق المصلحة الشرعية المعتبرة:

١- أن يثبت بالبحث والنظر والاستقراء أنها مصلحة حقيقية لا وهمية أي أن بناء الحكم عليها يجلب نفعاً أو يدفع ضراً، لأنها بهذا تكون مصلحة معتبرة، أما مجرد توهم المصلحة من غير نظر دقيق ولا استقراء شامل ومن غير موازنة عادلة بين وجوه النفع ووجوه الضرر فهذه مصلحة وهمية لا يسوغ بناء الحكم عليها.

٢- أن تكون هذه المصلحة الحقيقية عامة، أي ليست مصلحة شخصية أي أن بناء الحكم عليها يجلب نفعا لأكثر الناس أو يدفع ضرراً عن أكثرهم، أما المصلحة التي هي نفع لأمير أو عظيم أو أي فرد بصرف النظر عن أكثر الناس فلا يصح بناء الحكم عليها.

٣- أن لا تكون معارضة للكتاب والسنة، إذ لا يجوز التعارض بين مصلحة معتبرة ونص ثابت من كل وجه، فإن عارضت المصلحة نصاً فهي إما أن تكون موهومة لا تستند إلى أصل تقاس عليه، فهي لا عبرة بها فإذا توهم متوهم أن مصلحة الناس تقتضي حرية تعاملهم بالربا فالتعارض ليس إلا بين وهمه وكلام الله تعالى، أما حقيقة المصلحة فهي ما قضى به كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من ضرورة إغلاق باب الربا.

وإما أن تكون مستندة إلى أصل قيست عليه بجامع بينهما، ولا يكون التعارض هنا بين النص والمصلحة إلا جزئياً كالذي يكون بين الخاص والعام والمطلق والمقيد، فالتعارض في الحقيقة هنا بين دليلين شرعيين، وليس بين نص ومجرد مصلحة متوهمة، وأمر التأويل والترجيح في هذه الحال عائد إلى اجتهاد الأصولي الثبت في فهمه وعلمه، وعليه أن يجمع بين المصلحة الجزئية العارضة والمصلحة المقصودة من النص (أو القياس) ويقدم الراجحة منهما، ومجال الاجتهاد العقلي هنا واسع جداً - كما يقول الأستاذ علي حسب الله ويقول أيضاً: