للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يعتبر أهلها بما حلّ بمن سبقهم من ذل وما نزل بساحتهم من كرب وغم، ولم يزدجروا بما أصابهم من قتل وفناء؛ لأن عداوة الرسول ودعوته كانت نزعة سيطرت على مشاعرهم وفكرة تمكنت من عقولهم؛ فلم يقبلوا أن يعيشوا في وئام وسلام مع المسلمين، وتواصى سادتهم وزعماؤهم على الكيد للإسلام والتنكيل بالمسلمين، وكان دستورهم في ذلك ما قاله زعيمهم حيى بن أخطب حين سئل عن موقفه من رسول الله حين وصوله إلى المدينة: عداوته والله مما بقيت.

وقد بذل حيي كل ما يستطيع من الكيد للإسلام ولبني الإسلام، ولكنه لم ينل ما أراد، وحاق به أشد العقاب مع من استجاب له من بنى قريظة، فقاد بعده حملة الكيد أبو رافع سلام بن أبي الحقيق، وبذل ماله واستخدم نفوذه ليكوّن حلفا ضد المسلمين؛ فلم تتحقق أمنيته، ولما لقي مصرعه حمل الراية بعده أسير بن رزام؛ فاتبع خطواته وتفاوض مع غطفان ليتحالف معهم ضد المسلمين.