للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول بعض الرواة إن عبد الله بن أبي أرسل إليهم بما يعتزمه النبي صلى الله عليه وسلم من حربهم؛ فأعدوا عدتهم لصدّه وأدخلوا أموالهم وعيالهم في حصون (الكتيبة) ، وحشدوا المقاتلين في حصون (النطاة) .

وكانت بلاد خيبر مقسمة إلى ثلاث مناطق حربية، في كل منطقة عدة حصون منيعة:

الأولى: منطقة النطاة، وأهمّ حصونها حصن ناعم وحصن الصعب بن معاذ وحصن الزبير.

والثانية: منطقة الشق، وأهمّ حصونها حصن أبي وحصن البريء.

والثالثة: منطقة الكتيبة وأهم حصونها حصن الوطيح وحصن السلالم وحصن القموص.

وكان يهود خيبر أقوى الطوائف الإسرائيلية وأكثرها سلاحا وأوفرها مالا، لكنهم - ككل اليهود - يغلب عليهم الجبن ولا يجرؤن على القتال في الميادين المكشوفة ولا يحاربون إلاّ أمام حصونهم، حتى إذا انهزموا تسللوا إلى الداخل وأغلقوا عليهم.

وقد عرف الرسول فيهم هذه الطبيعة فأعد للأمر عدته، واتجه عليه الصلاة والسلام إلى خيبر في المحرم من السنة السابعة على رأس ألف وستمائة من المسلمين، بينهم مائتان من الفرسان، وجدّ في السير حتى قطع المسافة بينها وبين المدينة في ثلاثة أيام ووصل إليها في فجر اليوم الرابع، ونزل بوادي يسمى (الرجيع) على طريق غطفان؛ ليحول بينهم وبين إمداد أهل خيبر؛ لأنهم كانوا محالفين لهم.

وعسكر النبي عليه الصلاة والسلام قريبا من حصون النطاة، فقال له الحباب بن المنذر: إن أهل النطاة ليس قوم أبعد منهم مدى ولا أعدل منهم رمية، وهم مرتفعون علينا وهو أسرع لانحطاط رميهم، ولا نأمن بياتهم يدخلون في ممر النخيل؛ فتحول يا سول الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشرت بالرأي، وتحوّل إلى مكان بعيد عن مدى النبل فعسكر به.