للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أثناء حصار هذا الحصن استشهد محمود بن مسلمة، ألقيت عليه رضى من فوق جدار الحصن وهو يستظل بظله في يوم شديد الحرّ، وفي أثنائه أيضا توفي سلام بن مشكم زعيم اليهود وقائدهم، وخلفه في الزعامة والقيادة الحارث بن أبي زينب.

احتشد اليهود بعد سقوط حصن ناعم بحصن الصعب بن معاذ الذي يليه؛ فاعتصموا به وقاتلوا المسلمين قتالا عنيفا، وحملوا عليهم حملة شديدة فتقهقر المسلمون حتى انتهوا إلى رسول الله وهو واقف قد نزل عن فرسه، وثبت الحباب بن المنذر رضي الله عنه، فحضهم رسول الله على الجهاد؛ فعادوا إلى الحصن وزحف بهم الحباب بن المنذر فتقهقر اليهود حتى دخلوا الحصن وأغلقوه عليهم، وشدد المسلمون الحملة حتى فتحوا الحصن بعد أن قتلوا عددا من اليهود وأسروا عددا.

وقد وجد المسلمون في ذلك الحصن شيئا كثيرا من التمر والشعير والسمن والزيت والعسل والمتاع، وكانوا قد أصابتهم مجاعة شديدة حتى أكلوا لحوم الخيل، وخشي رسول الله على المسلمين أن تشغلهم الغنيمة عن القتال فأمر مناديا ينادى في الناس: "أن كلوا واعلفوا ولا تحملوا".

وقد وجد المسلمون في سرداب تحت الأرض بذلك الحصن مجانيق ودبابات ودروعا وسيوفا وشيئا كثيرا من أدوات الحرب؛ دلّهم عليها أسير يهودي فأفادتهم في افتتاح بقية حصون خيبر.

ثم تقهقر اليهود إلى حصن الزبير، وهو حصن منيع مبني على قمة عالية؛ فحاصره المسلمون ثلاثة أيام واليهود معتصمون به يدافعون من فوق أسواره؛ فاستعصى على المسلمين فتحه حتى علم رسول الله أن مَن بالحصن يستقون من جدول وراءه؛ فأمر بسد الجدول عنهم؛ فلما قطع عنهم الماء خرجوا من الحصن وقاتلوا المسلمين قتالا شديدا حتى قتل نفر منهم، وقتل من اليهود عشرة، ثم فتحه الله على المسلمين.

وبسقوط هذا الحصن تم للمسلمين فتح منطقة النطاة.