ولمّا أنشأ نصير الدين الطوسيّ دار العلم والحكمة والرّصد بمراغة من مدن أذربيجان، وهي أوّل مجمع علمي حقيقي «أكاديميّة» في القرون الوسطى بالبلاد الشرقية، فضلا عن الأقطار الغربية الجاهلة أيّامئذ، أسند إليه الخزن في خزانة كتب الرّصد؛ وقد كان النصير الطوسي جمع فيها أربعمائة ألف مجلّد، حملها إليها من مختلف الأصقاع. وحضر ابن الفوطيّ قسما من دروس النصير؛ وعني بتعلّم الخطّ وتجويده عناية تامّة؛ وكتب على بعض الخطوط المنسوبة، أي ذات الطريقة الفنّيّة المنسوبة الى أحد مشاهير الكتّاب الخطّاطين، فأجاد الثلث، والنسخي التعليقيّ، كما هو واضح من خطّه في «مجمع الآداب» وكان يكتب بذلك الاسلوب الدروس وغيرها من المجموعات لنفسه وغيره، قال في ترجمة كمال الدين أفلاطون الهندي:«هو ممّن قصد حضرة مولانا [نصير الدين الطوسي]- طاب ثراه - بمراغة، سنة ثمان وخمسين وستمائة؛ ولم يك عنده استعداد لتحصيل، بل كان يدئب نفسه في كتابة ما يريد أن يقرأه من دروس الحكمة، وتتعسّر عليه معرفتها، فكان مولانا نصير الدين يأمرني أن أكتب له درسه، فقلت له يوما: هب أنّي أكتب درسه، [أ] أحفظه عنه؟».