قلبها فذلك قوله تعالى:{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} كان كلّ من ابصره أحبّه، فلما ألقته في اليمّ كان ليلا ورأى فرعون التابوت ورآه، وكانت آسية بنت مزاحم معه فألهمها الله تعالى تربيته وردّه الله إلى امّه فأرضعته إلى أن فطمته فلمّا ترعرع وكبر أخذ بلحيته فأمر فرعون بقتله، فقالت آسية: إنّه صغير لا يعلم وإذا شئت فامتحنه، فأحضر طستا جعل فيه لؤلؤة وجمرة فجاء ليأخذ اللّؤلؤة فقبض الملك الموكّل على يده فردّها إلى الجمرة فأخذها وألقاها في فيه ثم قذفها حين وجد حرارتها فقالت آسية: ألم أقل لك إنه لا يعقل؟ فكفّ عنه فرعون وصدّقها ومن هناك حصل في لسانه عقدة ولما عرف موسى ما هو عليه من الحقّ وظهر له أنّ فرعون على الباطل، وعرف عداوته له، ولبني إسرائيل، علم انّ فراق فرعون خير له في دينه ودنياه وآخرته، فتكلّم موسى بالحقّ ولم يرض بالباطل والظّلم، واتّفق أنّ قبطيّا أخذ إسرائيليّا فاستعانه الإسرائيليّ فقال للفرعونيّ: خلّ سبيله، فقال: إنه قد سبّ سيّدنا فرعون، فقال له موسى: السيّد الله، فوكزه موسى، فمات، فخرج، ولا يدري أين يتوجّه، حتّى وقع بمدين، وكان من شأنه ما ذكره الله تعالى في كتابه، وأنزل الله تعالى عليه التوراة في ألواح الزمرّد وكان بينه وبين آدم عليهما السلام ثلاثة آلاف وتسعمائة وثماني عشرة سنة وبينه وبين إبراهيم خمسمائة وخمس وستّون سنة وكلّم الله عزّ وجلّ موسى في ألف مقام ولم يمسّ موسى امرأة منذ كلّمه الله تعالى وكا [...] وعند اليهود ألف وثمانمائة واثنتان وتسعون سنة ومات وهو ابن مائة سنة وسبع عشرة سنة ومات في سابع آذار.
[الكاف والميم]
٣٤١٥ - كمال الدّين أبو اسحاق إبراهيم بن أحمد بن حمزة البخاريّ الفقيه.
انشد في وصف رئيس جليل القدر:
جليل يقوم الناس عند قعوده ... ويلقونه بالسعي منهم وبالنّهض
إذا ما بدا والقوم فوق سروجهم ... تناثرت الأشراف منهم على الأرض