للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّضا والإنابة وغيرها. ولهذا قدَّر عليه الذنب وابتلاه به ليُكمِّل (١) مراتبَ عبوديَّته بالتوبة التي هي من أحبِّ عبوديَّات عبده إليه، فكذلك يُكمِّلها (٢) بالرّجاء والخوف.

ومنها: أنَّ في الرجاء من الانتظار والترقُّب والتوقُّع لفضل الله ما يوجب تعلُّقَ القلب بذكره، ودوامَ الالتفات إليه بملاحظة أسمائه وصفاته، وتنقُّلَ القلب في رياضها الأنيقة، وأخذَه بنصيبه من كلِّ اسم وصفةٍ كما تقدَّم بيانه، فإذا فني عن ذلك وغاب عنه فاته حظُّه ونصيبه من معاني هذه الأسماء والصِّفات.

إلى فوائد أخرى كثيرةٍ يطالعها من أحسن تأمُّلَه وتفكُّرَه في استخراجها. وبالله التوفيق.

والله يشكر لشيخ الإسلام (٣) سعيَه، ويُعلي درجته، ويَجزيه أفضل جزائه، ويجمع بيننا وبينه في محلِّ كرامته. فلو وَجَد مريدُه سعةً وفسحةً في ترك الاعتراض عليه واعتراض كلامه لَمَا فعل، كيف وقد نفعه الله بكلامه، وجلس بين يديه مجلس التِّلميذ من أستاذه، وهو أحدُ مَن كان على يديه فتحُه يقظةً ومنامًا.

وهذا غاية جهد المقلِّ في هذا الموضع، فمن كان عنده فضلُ علمٍ فليَجُد به، أو فليُعذِر ولا يبادر إلى الإنكار؛ فكم بين الهدهد وسليمان نبيِّ الله ــ صلى الله على نبينا وعليه وسلَّم ــ وهو يقول (٤): {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل: ٢٢]!


(١) ل، ع: «تكميل».
(٢) ع: «تكميلها».
(٣) أي: صاحب «المنازل» أبي إسماعيل الهروي.
(٤) في ع زيادة: «له».

<<  <  ج: ص:  >  >>