للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلّا أن يتغمَّدني الله برحمةٍ منه وفضلٍ" (١).

فصلواتُ الله وسلامُه على أعلمِ الخلق بالله وحقوقه وعظمته وما يستحقُّه جلالُه من العبوديّة، وأعرفِهم بالعبوديّة وحقوقها وأقوَمِهم بها.

فصل

ولمّا كانت التّوبة هي رجوع العبد إلى الله ومفارقته لصراط المغضوب عليهم والضَّالِّين، وذلك لا يحصل إلّا بهداية الله تعالى له إلى الصِّراط المستقيم، ولا تحصل هدايته إلّا بإعانته وتوحيده= انتظمتها (٢) سورةُ الفاتحة أحسنَ انتظامٍ، وتضمَّنَتها أبلغَ تضمُّنٍ.

فمن أعطى الفاتحةَ حقَّها علمًا وشهودًا وحالًا ومعرفةً عَلِمَ أنّه لا يصحُّ له قراءتُها على العبوديّة إلّا بالتّوبة النّصوح، فإنَّ الهدايةَ التَّامّةَ إلى الصِّراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذُّنوب، ولا مع الإصرار عليها، فإنَّ الأوّلَ جهلٌ ينافي معرفةَ الهدى، والثّاني غَيٌّ (٣) ينافي قصدَه وإرادتَه. فلذلك لا تصحُّ التّوبةُ إلّا بعد معرفة الذّنب، والاعتراف به، وطلبِ التّخلُّص من سوء عواقبه.

قال في "المنازل" (٤): (وهي أن تنظر في الذّنب إلى ثلاثة أشياء: إلى انخلاعِك من العصمة حين إتيانه، وفرَحِك عند الظّفر به، وقعودِك على


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) ع: "وانتظمتها"، فيكون جواب لمَّا: "فمن أعطى الفاتحة ... ".
(٣) لفظ "غي" ساقط من ش.
(٤) "منازل السائرين" (ص ٩ - ١٠) وسياق الكلام: "والتوبة لا تصح إلا بعد معرفة الذنب. وهي أن تنظر ... "، يعني: ومعرفة الذنب أن تنظر ...

<<  <  ج: ص:  >  >>