للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجوده وإنِّيّته.

فالفاتحة من أوّلها إلى آخرها تبيِّن بطلان قول هؤلاء الملاحدة وضلالهم.

فصل

والمقرُّون بالرَّبِّ تعالى أنّه صانع العالم نوعان:

نوعٌ ينفي مباينتَه لخلقه، ويقولون: لا مباين ولا محايث (١)، ولا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا يمينه ولا يساره، ولا خلفه ولا أمامه، ولا فيه ولا بائن عنه. فتضمُّنُ الفاتحةِ للرَّدِّ على هؤلاء من وجهين (٢):

أحدهما: إثبات ربوبيّته عزَّ وجلَّ للعالم، فإنَّ الرُّبوبيَّةَ المحضةَ تقتضي مباينةَ الرَّبِّ للعالم بالذّات، كما باينهم بالرُّبوبيّة وبالصِّفات والأفعال. فمَن لم يُثبت ربًّا مباينًا للعالم فما أثبَتَ ربًّا، فإنّه إذا نفى المباينة لزمه أحدُ أمرين لزومًا لا انفكاك له عنه البتّة: إمّا أن يكون هو نفسَ هذا العالم، وحينئذٍ يصحُّ قوله، فإنّ العالم لا يباين ذاته ونفسه. ومن هاهنا دخل أهلُ الوحدة، كانوا معطِّلةً أوّلًا، واتِّحاديّةً ثانيًا. وإمّا أن يقول: ما ثَمَّ ربٌّ يكون مباينًا ولا محايثًا، ولا داخلًا ولا خارجًا، كما قالته (٣) الدّهريّة المعطِّلة للصّانع.


(١) ع: "مجانب"، تصحيف.
(٢) لم يذكر المؤلف الوجه الثاني. ومن الغريب أنه لم يتفطَّن لذلك عند قراءة الكتاب عليه، لا هو ولا القراء.
(٣) ع: "قاله".

<<  <  ج: ص:  >  >>