للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فممّا اختلفوا فيه: الرِّضا، هل هو حالٌ أو مقامٌ؟ فيه خلافٌ بين الخراسانيِّين والعراقيِّين، وحكم بينهم بعض الشُّيوخ، وقال: إن حصل بكسبٍ فهو مقامٌ، وإلّا فهو حالٌ (١).

والصّحيح (٢): أنّ الواردات والمنازلات لها أسماءٌ باعتبار أحوالها، فتكون لوامع وبوارق ولوائح عند أوّل ظهورها وبدوِّها، كما يلمع البارقُ ويلوح على بُعدٍ، فإذا نازلته وباشرها فهي أحوالٌ، فإذا تمكَّنت منه وثبتت له من غير انتقالٍ فهي مقاماتٌ. فهي لوامعُ ولوائحُ في أوّلها، وأحوالٌ في أوسطها، ومقاماتٌ في نهايتها. فالّذي كان بارقًا هو بعينه الحال، والّذي كان حالًا هو بعينه المقام. وهذه الأسماء له باعتبار تعلُّقه بالقلب، وظهوره له، وثباته فيه.

وقد ينسلخ السّالك من مقامه كما ينسلخ من الثّوب، وينزل إلى ما دونه، ثمّ قد يعود إليه، وقد لا يعود.

ومن المقامات ما يكون جامعًا لمقامين. ومنها ما يكون جامعًا لأكثر من ذلك. ومنها ما يندرج فيه جميع المقامات، فلا يستحقُّ صاحبُه اسمَه إلّا عند استجماع جميع المقامات فيه.

فالتَّوبة جامعةٌ لمقام المحاسبة ومقام الخوف، لا يتصوَّر وجودها (٣) بدونهما.


(١) انظر: "الرسالة القشيرية" (ص ٤٥٣) وقد ذهب الخراسانيون إلى أنه مقام، والعراقيون إلى أنه حال، وجمع بين القولين صاحب "الرسالة".
(٢) بعده في ع زيادة: "في هذا".
(٣) ش، ع: "وجوده"، يعني: مقام التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>