للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣]. وقال عن قوم إبراهيم إنّهم قالوا فيه: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: ٦٠]. وقال تعالى عن يوسف عليه السلام: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: ٣٦]، {وَقَالَ لِفِتْيَتِهِ (١) اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يوسف: ٦٢].

فاسم «الفتى» لا يُشعِر بمدحٍ ولا ذمٍّ، كاسم الشّابِّ والحَدَث. ولذلك لم يجئ اسم الفتوّة في القرآن ولا في السُّنّة ولا في لسان السّلف، وإنّما استعمله مَن بعدهم في مكارم الأخلاق. وأصلها عندهم: أن يكون العبد أبدًا في أمر غيره.

وأقدمُ من علمتُه تكلَّم في الفتوّة: جعفر بن محمّدٍ، ثمّ الفضيل بن عياضٍ، والإمام أحمد، وسهل بن عبد الله، والجنيد (٢)، ثمّ الطّائفة.

فيذكر أنّ جعفر بن محمّدٍ سئل عن الفتوّة، فقال للسّائل: ما تقول أنت؟ فقال: إن أُعطِيتُ شَكرتُ، وإن مُنِعتُ صبرتُ. فقال: الكلاب عندنا كذلك. فقال السّائل: يا ابن رسول الله، فما الفتوّة عندكم؟ فقال: إن أُعطِينا آثَرْنا، وإن مُنِعْنا شَكَرْنا (٣).

وقال الفضيل بن عياضٍ - رحمه الله -: الفتوّة: الصَّفْح عن عَثَرات


(١) كذا في الأصول. وهي قراءة أبي عمرو وغيره.
(٢) بعدها في هامش د: «سيد الطائفة».
(٣) «الرسالة القشيرية» (ص ٥١٢). وفي «حلية الأولياء» (٨/ ٣٧) أنه بين شقيق وإبراهيم بن أدهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>