للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (وأمّا التّوحيد الثّاني الذي يثبت بالحقائق، فهو توحيد الخاصَّة. وهو إسقاطُ الأسباب الظّاهرة، والصُّعودُ عن منازعات العقول وعن التّعلُّق بالشّواهد. وهو أن لا يشهد في التَّوحيد دليلًا، ولا في التّوكُّل سببًا، ولا للنَّجاة (٢) وسيلةً، فيكون مشاهدًا سبقَ الحقِّ بحكمه وعلمه، ووضعِه الأشياء مواضعها، وتعليقِه إيّاها بأحايينها، وإخفائه إيّاها في رسومها؛ ويحقِّقُ (٣) معرفةَ العلل، ويسلك سبيلَ إسقاط الحدث. هذا توحيد الخاصَّة، الذي يصحُّ بعلم الفناء، ويصفو في علم الجمع، ويجذب إلى توحيد أرباب الجمع).

قوله: (يثبت بالحقائق)، وقال في التّوحيد الأوّل: (يصحُّ بالشَّواهد)، فإنَّ الثُّبوتَ أبلغُ من الصِّحّة، والحقائقَ أبلغُ من الشّواهد. ويريد بالحقائق: المكاشفة، والمشاهدة، والمعاينة، والاتِّصال، والانفصال، والحياة، والقبض، والبسط، وما ذكره في قسم الحقائق من كتابه.

فالأدلَّةُ والشَّواهدُ تصحِّحُ التَّوحيدَ العامَّ، والحقائقُ تُثبِتُ التَّوحيدَ الخاصَّ.


(١) «منازل السائرين» (ص ١١١).
(٢) ومثله في مطبوعة «المنازل». وفي «شرح التلمساني» (٢/ ٦٠٥، ٦٠٦) في المتن والشرح كليهما: «في النجاة». وفي «شرح عبد المعطي اللخمي» (ص ٢٢٨) و «شرح الفركاوي» (ص ١٤٧): «للنجاة» في المتن و «في النجاة» في الشرح كما وقع هنا.
(٣) ما عدا ت: «وتحقق»، ويصح إن كان الفعل السابق: «فتكون» والفعل الآتي: «وتسلك» كما في مطبوعة «المنازل». وفي «شرح الفركاوي» (ص ١٤٧) و «يتحقَّق ... فيسلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>