للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّرك لا تُخرجهم عن الإيمان بالرُّسل وباليوم الآخر، فهؤلاء مستحقُّون للوعيد أعظم من استحقاق أرباب الكبائر. وشركهم قسمان: شركٌ خفيٌّ وجليٌّ، فالخفيُّ قد يُغفَر، وأمَّا الجليُّ فلا يغفره الله إلّا بالتّوبة منه، فإنَّ الله لا يغفر أن يُشرَك به.

وبهذا الأصل أثبت (١) أهلُ السُّنّة دخولَ أهل الكبائر النَّارَ ثمّ خروجَهم منها ودخولَهم الجنَّة، لما قام بهم من السَّببين.

فإذا ثبت هذا فمُعاوِدُ (٢) الذَّنبِ مبغوضٌ لله من جهة معاودة الذَّنب، محبوبٌ له من جهة توبته وحسناته السّابقة. فرتَّبَ الله سبحانه على كلِّ سببٍ أثرَه ومسبَّبَه بالعدل والحكمة، ولا يظلم مثقالَ ذرّةٍ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ} [فصلت: ٤٦].

فصل

وإذا استغرقت سيِّئاتُه الحديثاتُ حسناتِه القديماتِ وأبطلتها، ثمَّ تاب منها توبةً نصوحًا خالصةً، عادت إليه حسناتُه، ولم يكن حكمُه حكمَ المستأنفِ لها، بل يقال له: تبتَ على ما أسلفتَ من خيرٍ؛ فإنَّ الحسناتِ التي فعلها في الإسلام أعظمُ من الحسنات التي يفعلها الكافر في كفره من عتاقةٍ وصدقةٍ وصلةٍ. وقد قال حكيم بن حِزامٍ - رضي الله عنه -: يا رسول الله، أرأيتَ عتاقةً أعتقتُها في الجاهليّة، وصدقةً تصدَّقتُ بها، وصلةً وصلتُ بها رحمي، هل (٣)


(١) ش: "أثبتت".
(٢) ما عدا ق، ع: "فمعاودة".
(٣) ع: "فهل".

<<  <  ج: ص:  >  >>