للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: ١٩ - ٢٠]. فجعل غاية أعمال الأبرار والمقرّبين والمحبِّين إرادةَ وجهه.

وقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٩]. فجعل إرادته غير إرادة الآخرة.

وهذه الإرادة لوجهه موجبةٌ للذّة النّظر إليه في الآخرة، كما في «صحيحي» الحاكم وابن حبّان (١) في الحديث المرفوع عن (٢) النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه كان يدعو: «اللهمّ بعلمِك الغيبَ، وقدرتِك على الخلق: أحْيِني إذا كانت الحياة خيرًا لي، وتَوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي. وأسألك خشيتَك في الغيب والشّهادة، وأسألك كلمةَ الحقِّ في الغضب والرِّضا، وأسألك القصْدَ في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا ينفَدُ، وأسألك قرّةَ عينٍ لا تنقطع، وأسألك الرِّضا بعد القضاء، وبرْدَ العيش بعد الموت، وأسألك لذّةَ النّظرِ إلى وجهك، وأسألك الشّوقَ إلى لقائك، في غير ضَرّاءَ مُضِرّةٍ ولا فتنةٍ مُضلّةٍ. اللهمّ زَيِّنّا بزينة الإيمان، واجعلْنا هُداةً مهتدين».

فقد اشتمل هذا الحديث الشّريف على ثبوت لذّة النّظر إلى وجه الله، وعلى ثبوت الشّوق إلى لقائه. وعند الجهميّة لا وجهَ له سبحانه، ولا ينظر


(١) ابن حبان (١٩٧١)، و «مستدرك الحاكم» (١/ ٥٢٤) من حديث عمار بن ياسر - رضي الله عنه -. وأخرجه أيضًا أحمد (١٨٣٢٥) والنسائي (١٣٠٥، ١٣٠٦). وهو حديث صحيح.
(٢) ل: «إلى».

<<  <  ج: ص:  >  >>