للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وأمَّا جمع العين: فهو تلاشي كلِّ ما تُقِلُّه الإشارةُ في ذات الحقِّ حقًّا).

(تُقِلُّه الإشارة)، أي تحمله وتقوم به. والإشارة تارةً تكون باليد والرّأس فتكون إيماءً، وتارةً تكون بالعين فتكون رمزًا، وتارةً تكون باللفظ فتسمّى تعريضًا، وتارةً تكون بالذِّهن والعقل. فتضمحلُّ كلُّ هذه الأنواع وتبطلُ عند شهودِ العين في حضرة الجمع، وظهورِ جلال الذات المقدّسة. والذّاتُ هي الحاملة للصِّفات والأفعال.

فعرفتَ من هذا: أنّه في الدرجة الأولى يغيبُ عن جميع العلوم المتعلِّقة بالأدلّة والشواهد بالعلم اللَّدُنِّيِّ. وفي الدرجة الثانية يغيب عن اتِّصاله وشهود اتِّصاله بالوجود، فإنّ الوجود فوق الاتِّصال كما تقدّم (١). وهذا كما يغيب الواجدُ الذي قد ظفر بموجوده عن شهود وصوله إليه واتِّصاله به، فغيَّبَتْه (٢) عينُ وجوده عن شهود نفسه وصفاتها. وفي الدرجة الثالثة يضمحلُّ كلُّ ما تحمله الإشارةُ إلى ذاتٍ أو إلى صفةٍ (٣) أو حالٍ أو مقامٍ في ذات الحقِّ سبحانه، فلا يبقى هناك ما يشار إليه سواه.

قوله (٤): (والجمع: غاية مقامات (٥) السّالكين، وهو طرف بحر التوحيد).

وجه ذلك: أنَّ السّالكَ ما دام في سلوكه فهو في تفرقةِ الاستدلال وطلبِ


(١) لم يرد «كما تقدم» في ش، د.
(٢) ش، د: «فيفنيه».
(٣) ش، د: «صفات».
(٤) «منازل السائرين» (ص ١٠٩).
(٥) ت: «مقام».

<<  <  ج: ص:  >  >>