للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (١): (الشّوق: هُبوبُ القلب إلى غائبٍ. وفي مذهب هذه الطّائفة: علّة الشّوق عظيمةٌ، فإنّ الشّوق إنّما يكون إلى الغائب، ومذهب هذه الطّائفة إنّما قام على المشاهدة، ولهذه العلّة لم ينطق القرآنُ باسمه).

قلت: هوصدَّر الباب بقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ} [العنكبوت: ٥]، جعل (٢) الرّجاء شوقًا بلسان الاعتبار لا بلسان التّفسير، وأنّ دلالة الرّجاء على الشّوق باللُّزوم، لا بالتّضمُّن ولا بالمطابقة.

قوله: (هبوب القلب إلى غائبٍ)، يعني: سفره إليه، وهُوِيَّه إليه.

وأمّا العلّة التي ذكرها في الشّوق فقد تقدّم أنّ من النّاس من جعل الشّوق في حال اللِّقاء أكملَ منه في حال المَغِيب، فعلى قول هؤلاء (٣) لا علّةَ فيه.

وأمّا من جعلَه سفرَ القلب إلى المحبوب في حال غيبته عنه، فعلى قوله يجيء كلام المصنِّف - رحمه الله -. ووجهه مفهومٌ.

(فإنّ مذهب هذه الطّائفة) ــ يريد أهل الفناء ــ (إنّما قام على المشاهدة)، فإنّ بدايته ــ كما قرَّره هو ــ المحبّة التي هي نهاية مقامات المريدين، والفناء إنّما يكون مع المشاهدة، ومع المشاهدة (٤) لا عملَ للشّوق.


(١) (ص ٧٣).
(٢) ت: «فكأنه جعل».
(٣) ش: «هو».
(٤) «ومع المشاهدة» ليست في ش، د. والمثبت من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>