للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا يُؤبَه لصاحبها).

لأنّه ليس هنالك (١) قلبٌ. وهذا من جنس الفأل، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الفأل ويُعجِبه (٢). والطِّيرة من هذا، ولكنّ المؤمن لا يَتطيَّر، فإنّ الطِّيَرة شركٌ، ولا يَصُدّه ما سمع عن مقصده وحاجته، وليتوكَّل على الله ويثق به، ويدفع شرّ التّطيُّر عنه بالتّوكُّل.

وفي «الصحيح» (٣) عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «الطِّيرة شركٌ، وما منّا إلّا، ولكنَّ الله يُذهِبه بالتّوكُّل».

وهذه الزِّيادة ــ وهي قوله: «وما منّا إلّا» ــ يعني من يَعترِيه، ولكن يدفعها بالتّوكُّل ــ مدرجةٌ في الحديث من قول ابن مسعودٍ. جاء ذلك مبيّنًا (٤).

ومن له يَقَظةٌ يرى ويسمع من ذلك عجائبَ، وهي من إلقاء الملَك تارةً على لسان النّاطق، وتارةً من إلقاء الشّيطان. فالإلقاء الملَكيُّ تبشيرٌ وتحذيرٌ


(١) ش، د: «هناك».
(٢) كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (٥٧٥٥) ومسلم (٢٢٢٣)، وفي حديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخاري (٥٧٥٦) ومسلم (٢٢٢٤).
(٣) لم يروِه البخاري ومسلم. وقد أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٩٠٩)، وأبو داود (٣٩١٠)، والترمذي (١٦١٤)، وابن ماجه (٣٥٣٨)، وأحمد (٣٦٨٧، ٤١٧١). وإسناده صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (٦١٢٢).
(٤) قال الحافظ في «الفتح» (١٠/ ٢١٣): قوله: «وما منا إلَّا» من كلام ابن مسعود أُدرج في الخبر، وقد بيَّنه سليمان بن حرب شيخ البخاري فيما حكاه الترمذي عن البخاري عنه. أما الألباني فقال في «الصحيحة» (٤٢٩): لا حجة هنا في الإدراج، فالحديث صحيح بكامله.

<<  <  ج: ص:  >  >>