للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصارت عبوديّةُ أهل الثَّواب تسبيحًا مقرونًا بأنفاسهم، لا يجدون له تعبًا ولا نصبًا.

ومن ظنَّ أنّه يصل إلى مقامٍ يُسقِط عنه التّعبُّدَ، فهو زنديقٌ كافرٌ بالله ورسوله، وإنّما وصل إلى مقام الكفر بالله تعالى والانسلاخ من دينه. وكلَّما تمكَّن العبدُ في منازل العبوديّة كانت عبوديّتُه أعظم، والواجبُ عليه منها أكثر من الواجب على من دونه. ولهذا كان الواجبُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل على الرُّسل أعظمَ من الواجب على أممهم، والواجبُ على أولي العلم أعظمَ من الواجب على من دونهم، وكلُّ أحدٍ بحسب مرتبته.

فصل

في انقسام العبوديّة إلى عامّةٍ وخاصّةٍ

العبوديّة نوعان: عامٌّ، وخاصٌّ.

فالعبوديّة العامّة: عبوديّة أهل السّماوات والأرض كلِّهم لله: برِّهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم. فهذه عبوديّة القهر والملك، قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَنْفَطِرْنَ (١) مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٨٨ - ٩٣]. فهذا يدخل فيه (٢) مؤمنهم وكافرهم.


(١) هذه قراءة أبي عمرو وابن عامر وحمزة. وقرأ الباقون: "يتفطَّرن". انظر: "الإقناع" لابن الباذش (ص ٦٩٧).
(٢) "فيه" ساقط من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>