للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

والجود عشر مراتبَ:

إحداها: الجود بالنّفس، وهو أعلى مراتبه، كما قال الشّاعر (١):

يجودُ بالنّفس إذ ضَنَّ (٢) الجوادُ بها ... والجودُ بالنّفسِ أقصى غايةِ الجُود

الثّانية: الجود بالرِّئاسة، وهو ثاني مراتب الجود، فيَحمِلُ الجوادَ جودُه على امتهانِ رئاسته، والجودِ بها، والإيثارِ في قضاء حاجة الملتمس.

الثّالثة: الجود براحته ورفاهيتِه وإجمامِ نفسه، فيجود بها نَصَبًا وكَدًّا في مصلحة غيره. ومن هذا جود الإنسان بنومه ولذّته لمُسامِرِه، كما قيل (٣):

مُتيَّمٌ بالنّدى لو قال سائلُه ... هَبْ لي جميعَ كَرَى عينيكَ لم يَنَم

الرّابعة: الجود بالعلم وبذْله، وهو من أعلى مراتب الجود، والجودُ به أفضلُ من الجود بالمال؛ لأنّ العلم أشرف من المال.

والنّاس في الجود به على مراتب متفاوتةٍ، وقد اقتضت حكمةُ الله وتقديره النّافذ أن لا ينفعَ به بخيلًا أبدًا.

ومن الجود به: أن تبذله لمن لم (٤) يسألك عنه، بل تَطْرحه عليه طَرْحًا (٥).


(١) هو مسلم بن الوليد، والبيت من قصيدة طويلة له في «ديوانه» (ص ١٦٤).
(٢) ل، د: «ظن»، خطأ.
(٣) البيت لأبي إسحاق الغزّي في «ديوانه» (ص ٥٧٩).
(٤) «لم» ساقطة من المطبوع، فانقلب المعنى.
(٥) ل، ش: «طرحانا». ولم أجد هذا المصدر في المعاجم، والمثبت من د.

<<  <  ج: ص:  >  >>