للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبَ عذرٍ، فلا أحدَ أحبُّ إليه العذرُ من الله. ومن أجل ذلك أرسل الرُّسل وأنزل الكتب، إزالةً لأعذار خلقه، لئلّا يكون لهم عليه حجّةٌ. ومعلومٌ أنَّ طالبَ عذرهم ومُصحِّحَه مقيمٌ لحجّةٍ قد أبطلها الله من جميع الوجوه! فلله الحجّة البالغة.

ومن له عذرٌ من خلقه كالطِّفل الذي لا يميِّز، والمعتوه، ومن لم تبلغه الدّعوة، والأصمِّ الأعمى (١) الذي لا يبصر ولا يسمع= فإنَّ الله لا يعذِّب هؤلاء بلا ذنبٍ البتّة. وله فيهم حكمٌ آخر في المعاد، يمتحنهم بأن يرسل إليهم رسولًا يأمرهم وينهاهم، فمن أطاع الرّسول منهم أدخله الجنّة، ومن عصاه أدخله النّار. حكى ذلك أبو الحسن الأشعريُّ عن أهل السُّنّة والحديث في "مقالاته" (٢). وفيه عدَّة أحاديث بعضها في "مسند أحمد"، كحديث الأسود بن سريع (٣)،


(١) ع: "والأعمى".
(٢) في "مقالات الإسلاميين" (ص ٢٩٦): "وأن الأطفال أمرهم إلى الله، إن شاء عذَّبهم، وإن شاء فعل بهم ما أراد". وفي "الإبانة" (ص ٣٤): "وقولنا في أطفال المشركين أن الله تعالى يؤجِّج لهم في الآخرة نارًا، ثم يقول لهم: اقتحموها، كما جاءت بذلك الرواية". وانظر: "مجرَّد مقالات الأشعري" (ص ١٤٤ - ١٤٥). وانظر: "درء التعارض" (٨/ ٤٠١، ٤٣٥ - ٤٣٨)، و"الردّ على الشاذلي" (ص ١٢٩)، و"مجموع الفتاوى" (٤/ ٢٤٦). والمصنف قد أفاض الكلام على المسألة في "طريق الهجرتين" (٢/ ٨٤٢ - ٨٧٧) و"أحكام أهل الذمة" (٢/ ١٠٨٦ - ١١٣٠) و"تهذيب السنن" (٣/ ٢١٤ - ٢٢٢).
(٣) أخرجه أحمد (١٦٣٠١) وإسحاق في "مسنده" (٤١) وابن حبان (٧٣٥٧) والطبراني في "الكبير" (١/ ١٢٢) والبيهقي في "القضاء والقدر" (٦٤٤) وفي "الاعتقاد" (ص ١٦٩) والضياء في "المختارة" (٤/ ٢٥٥، ٢٥٦)، وفي إسناده انقطاع بين قتادة والأحنف بن قيس. وأخرجه بنحوه البزار (٢١٧٤ - كشف الأستار) من طريق قتادة عن الحسن عن الأسود بن سريع، وفي سماع الحسن من الأسود خلاف، انظر: "جامع التحصيل" (١٦٥). ويشهد له حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>