للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأمّا النِّفاق فالدَّاء العُضال (١) الذي يكون الرَّجلُ ممتلئًا منه، وهو لا يشعر، فإنّه أمرٌ خفيٌّ يخفى على النَّاس، وكثيرًا ما يخفى على من تلبَّس به، فيزعُم أنّه مصلحٌ وهو مفسدٌ.

وهو نوعان: أكبر، وأصغر.

فالأكبَرُ يُوجِب الخلودَ في النَّار في دركها الأسفل، وهو أن يُظهِر للمسلمين إيمانَه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهو في الباطن منسلِخٌ من ذلك مكذِّبٌ به، لا يؤمن بأنَّ الله تكلَّم بكلامٍ أنزله على بشرٍ جعله رسولًا للنَّاس يهديهم بإذنه، ويُنذرهم بأسَه، ويخوِّفهم عقابَه.

وقد هتَك الله (٢) سبحانه أستارَ المنافقين وكشَفَ أسرارهم في القرآن، وجلّى لعباده أمورهم، ليكونوا منها ومن أهلها على حذرٍ. وذكَر طوائفَ العالم الثّلاثة في أوّل البقرة: المؤمنين، والكفّار، والمنافقين؛ فذكر في المؤمنين أربعَ آياتٍ، وفي الكفّار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آيةً لكثرتهم ولعموم الابتلاء بهم، وشدّة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإنَّ بليّةَ الإسلام بهم شديدةٌ جدًّا، فإنهم منتسبون إليه وإلى نصرته وموالاته، وهم أعداؤه في الحقيقة، يُخْرِجون عداوتَه في كلِّ قالبٍ يظنُّ الجاهلُ أنّه عِلمٌ وإصلاحٌ، وهو غايةُ الجهل والإفساد.

فلله كم من معقلٍ للإسلام قد هدموه! وكم من حصنٍ له قد قلَعوا


(١) في ع بعده زيادة: "الباطن".
(٢) في ع بعده زيادة: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>