ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الورع.
قال الله تعالى (١): {فَكَبِّرْ (٣)} [المدثر: ٤]، قال مجاهدٌ وقتادة: نفسك فطهِّر من الذنب. فكنى عن النفس بالثوب. وهذا قول إبراهيم، والضحَّاك، والشعبي، والزُّهري، والمحقِّقين من أهل التفسير.
قال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: لا تلبسها على معصيةٍ ولا غدرٍ، ثمَّ قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:
وإنِّي بحمد الله لا ثوبَ غادرٍ ... لبست ولا من غدرةٍ أتقنَّعُ
والعرب تقول في وصف الرجل بالصِّدق والوفاء: طاهر الثِّياب، وتقول للغادر والفاجر: دنس الثِّياب.
وقال أبيُّ بن كعبٍ - رضي الله عنه -: لا تلبسها على غدرٍ ولا ظلمٍ ولا إثم، البسها وأنت برٌّ طاهر.
وقال الضحَّاك: عملَك فأصلح. قال السُّدِّي: يقال للرجل إذا كان صالحًا: إنه لطاهر الثِّياب، وإذا كان فاجرًا: إنه لخبيث الثِّياب.
وقال سعيد بن جبيرٍ: وقلبك ونيتك فطهِّر. وقال الحسن والقرظيُّ: وخُلُقَك فحسِّن.
وقال ابن سيرين وابن زيدٍ: أمر بتطهير الثِّياب من النجاسات التي لا
(١) في ع زيادة قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١].