للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

والفرق بين العلم والمعرفة لفظًا ومعنًى (١).

أمَّا اللفظ ففعل المعرفة يقع على مفعولٍ واحدٍ، تقول: عرفت الدار، وعرفت زيدًا، قال تعالى: {فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [يوسف: ٥٨]، وقال: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: ١٤٦]. وفعل العلم يقتضي مفعولين، كقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠]. وإذا وقع على مفعولٍ واحدٍ كان بمعنى المعرفة، كقوله: {اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ} [الأنفال: ٦٠].

وأمَّا الفرق المعنويُّ فمن وجوهٍ:

أحدها: أنَّ المعرفة تتعلَّق بذات الشيء، والعلم يتعلَّق بأحواله، فتقول: عرفت أباك، وعلمتُه (٢) صالحًا (٣). ولذلك جاء الأمر في القرآن بالعلم دون المعرفة، كقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩]، وقوله: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: ٩٨]، وقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود: ١٤].

فالمعرفة: حضور صورة الشيء ومثاله العلميِّ في النَّفس، والعلم: حضور أحواله وصفاته ونسبتها إليه. فالمعرفة تشبه «التصوُّر»، والعلم يشبه


(١) وقد بحث المؤلف هذه المسألة في «بدائع الفوائد» (٢/ ٤٨٥ وما بعدها) أيضًا.
(٢) ش، د: «عرفته»، خطأ، ثم صحِّح في هامش ش.
(٣) في ت، ر زيادة: «عالمًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>