للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«التصديق» (١).

الثاني: أنَّ المعرفة في الغالب تكون لِما غاب عن القلب بعد إدراكه، فإذا أدركه قيل: عرفه، أو تكون لِما وُصف له بصفاتٍ قامت في نفسه، فإذا رآه وعلم أنَّه الموصوف بها قيل: عرفه، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس: ٤٥]، وقال: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [يوسف: ٥٨]، وقال: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: ١٤٦]، لمَّا كانت صفاته معلومةً عندهم فرأوه، عرفوه بتلك الصِّفات.

وفي الحديث الصحيح: «إنَّ الله سبحانه يقول لآخر أهل الجنَّة دخولًا: أتعرف الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول: نعم، فيقول: تمنَّ، فيتمنَّى على ربِّه» (٢).

وقال تعالى: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: ٨٩].

فالمعرفة تشبه الذِّكر النفسي (٣)، وهو حضور ما كان غائبًا عن الذِّكر.


(١) «التصور» و «التصديق» هنا على اصطلاح أهل المنطق، فالأول: العلم بذات الشيء، والثاني: نسبة الشيء إلى آخر سلبًا أو إيجابًا.
(٢) أخرجه أحمد (٣٥٩٥) ومسلم (١٨٦) والترمذي (٢٥٩٥) وابن حبان (٧٤٢٧) وغيرهم من حديث ابن مسعود بلفظ: «أتذكر الزمان ... ». ولم أجد من رواه بلفظ المعرفة.
(٣) ر: «الشيء»، طبعة الفقي: «للشيء»، تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>