للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الاستغاثة به وجده كاشفًا للكرب مخلِّصًا منه (١)، والمضطرُّ إذا صدق في الاضطرار إليه وجده رحيمًا مغيثًا، والخائف إذا صدق في اللَّجْءِ إليه وجده مؤمِّنًا (٢) له من المخوف، والراجي إذا صدق في الرجاء وجده عند ظنِّه به.

فمحبُّه وطالبه ومريده، ومن لا يبغي به بدلًا، ولا يرضى بسواه عوضًا، إذا صدق في محبَّته وإرادته وجده أيضًا وجودًا أخصَّ من تلك الوجودات، فإنَّه إذا كان المريد منه يجده، فكيف مريدُه ومحبُّه!

فيظفر هذا الواجد بنفسه وبربِّه. أمَّا ظفره بنفسه فتصير منقادةً له، مطيعةً له، تابعةً مرتاضةً (٣)، غيرَ أبيَّةٍ ولا أمَّارةٍ، بل تصير خادمةً له مملوكةً بعد أن كانت مخدومةً مالكةً. وأمَّا ظفره بربِّه فقربُه منه وأنسه به، وعمارةُ سرِّه به، وفرحُه وسرورُه به أعظمَ فرحٍ وسرورٍ. فهذا حقيقة اتِّصال الوجود، والله المستعان.

قوله: (فاتِّصال الاعتصام: تصحيح القصد، ثمَّ تصفية الإرادة، ثمَّ تحقيق الحال).

قلت: تصحيح القصد يكون بشيئين: إفراد المقصود، وجمع الهمِّ عليه. وحقيقته توحيد القصد والمقصود، فمتى انقسم قصده أو مقصوده لم يكن صحيحًا. وقد عبَّر عنه الشيخ فيما تقدَّم (٤) بأنَّه: (قصدٌ يبعث على الارتياض،


(١) ت: «للكروب مخلصًا منها».
(٢) في هامش د: «صوابه: مأمنًا». والمثبت صواب لا غبار عليه.
(٣) ش، د، ر: «مرضاته». في المطبوعات: «لمرضاته». والمثبت من ت أقرب.
(٤) (١/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>