للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُخلي من يشاء منهما.

قوله: (فالعلم يَشْغَله في حينٍ)، أي يشغله عن السُّلوك إلى تمكُّن الحال أنّ (١) العلم متنوِّع التّعلُّقات، فهو يُفرِّق، والحال يجمع. فإنه يدعوه إلى الفناء، وهناك سلطان الحال.

قوله: (والحال يحمله في حينٍ)، أي يغلب عليه الحال تارةً، فيصير محمولًا بقوّة الحال، وسلطانه على السُّلوك، فيشتدُّ (٢) سيرُه بحكم الحال، يعني: وإذا غلبه العلمُ شغَلَه عن السُّلوك. وهذا على (٣) المعهود من طريقة المتأخِّرين أنّ العلم يَشْغَل عن السُّلوك، ولهذا يعدُّون السّالك من سلك على الحال ملتفتًا إلى العلم.

وأمّا على ما قرّرناه ــ من أنّ العلم يُعِين على (٤) السُّلوك ويَحمِل عليه، ويكون صاحبه سالكًا به وفيه (٥) ــ فلا يَشْغَله العلم عن سلوكه، وإن أضعفَ سيْرَه على دربِ الفناء. فلا ريبَ أنّ العلم لا يُجامع الفناء، فالفناء ليس هو غاية السّالكين إلى الله، بل ولا هو لازمٌ من لوازم الطّريق (٦)، وإن كان عارضًا من عوارضها، يَعرِض لغير الكُمَّل، كما تقدّم تقرير ذلك، فبيّنّا أنّ الفناء الكامل الذي هو الغاية المطلوبة: الفناء عن محبّة ما سوى الله وإرادته،


(١) ر، ت: «لأن».
(٢) ر: «فيشتمل».
(٣) ر: «وهذا هو».
(٤) ت: «يغني عن».
(٥) ت: «وقته».
(٦) د: «الطرق».

<<  <  ج: ص:  >  >>