للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو سليمان الدّارانيُّ: إنّه لتمرُّ بقلبي النُّكتة من نكت القوم، فلا أقبلها إلّا بشاهدينِ من الكتاب والسُّنّة.

وقال النّصراباذيُّ: أصلُ هذا المذهب ملازمة الكتاب والسُّنّة، وتركُ الأهواء والبدع، والاقتداء بالسّلف، وتركُ ما أحدثه الآخرون، والإقامة على ما سلكه الأوّلون.

وقد تقدّم ذكر بعض ذلك (١).

فهذا العلم الصّافي المتلقّى من مشكاة الوحي والنُّبوّة يهذِّب صاحبَه لسلوك طريق العبوديّة، وحقيقة (٢) التّأدُّبِ بآداب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا وباطنًا (٣)، والوقوف معه حيث وقف بك، والمسير معه (٤) حيث سار بك، بحيث تجعله بمنزلة شيخك الذي قد ألقيتَ إليه أمرَك كلّه سِرَّه وظاهرَه، واقتديتَ به في جميع أحوالك (٥)، ووقفتَ مع ما يأمرك به فلا تخالفه البتّةَ. فتجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك شيخًا وإمامًا وقدوةً وحاكمًا، وتُعلِّق قلبك بقلبه الكريم، وروحانيّتَك بروحانيّته، كما يُعلِّق المريد روحانيّته بروحانيّة شيخه. فتُجِيبه إذا دعاك، وتَقِفُ إذا استوقفك، وتسير إذا سار بك، وتَقِيل إذا قال، وتترك إذا ترك (٦)، وتغضب لغضبه، وترضى لرضاه. وإذا أخبرك عن شيءٍ أنزلتَه منزلةَ ما تراه بعينك، وإذا


(١) (ص ٢٧١).
(٢) ر: «وحقيقتها».
(٣) بعدها في ر، ت: «وتحكيمه باطنًا وظاهرًا».
(٤) «معه» ليست في ش.
(٥) ت: «أحواله».
(٦) ر، ت: «وتنزل إذا نزل».

<<  <  ج: ص:  >  >>