للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخلوق للمخلوق سؤال الفقير للفقير» (١).

والربُّ تعالى كلَّما سألته كَرُمتَ عليه ورضي عنك وأحبَّك، والمخلوق كلَّما سألته هنت عليه وأبغضك (٢) وقلاك، كما قيل (٣):

الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبُنيُّ آدمَ حين يُسأل يغضبُ

وقبيحٌ بالعبد المريد، أن يتعرَّض لسؤال العبيد، وهو يجد عند مولاه كلَّ ما يريد. وفي «صحيح مسلم» (٤) عن عوف بن مالكٍ الأشجعيِّ - رضي الله عنه - قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعةً ــ أو ثمانيةً أو سبعةً ــ فقال: «ألا تبايعون رسول الله ــ - صلى الله عليه وسلم - ــ؟»، وكنَّا حديثَ عهدٍ ببيعةٍ فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، ثمَّ قال: «ألا تبايعون رسول الله؟»، فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، فعلامَ نبايعك؟ فقال: «أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئًا، والصَّلوات الخمس» وأسرَّ كلمةً خفيَّةً: «ولا تسألوا الناس شيئًا»، ولقد رأيت بعض أولئك النّفر يسقط سوطُ أحدهم فما يسأل أحدًا يناوله إيَّاه.

وفي «الصحيحين» (٥) عن ابن عمر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى اللهَ وليس في وجهه مُزعة لحمٍ».


(١) ذكر شيخ الإسلام نحوه في «قاعدة في التوسل والوسيلة» ضمن «مجموع الفتاوى» (١/ ١٩٤ - ١٩٥).
(٢) في ع زيادة: «ومقتك».
(٣) أنشده الأصمعي كما في «الدر الفريد» (٢/ ٤٣). وفي «العزلة» للخطابي (ص ١٨٠): أنشدني الخُزيمي. وهو مع بيتٍ قبله في «المستطرف» (ص ٣٠٣).
(٤) برقم (١٠٤٣).
(٥) البخاري (١٤٧٤) ومسلم (١٠٤٠/ ١٠٣) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>